سورة الجن - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجن)


        


{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)}
{وَأَنَّ المساجد لِلَّهِ} أراد المساجد على الاطلاق وهي بيوت عبادة الله، وروي أن الآية نزلت بسبب تغلب قريش على الكعبة، وقيل: أراد الأعضاء التي يسجد عليها، واحدها مَسْجَد بفتح الجيم وهذا بعيد، وعطف أن المساجد لله على أوحي إليّ أنه استمع، وقال الخليل: معنى الآية: لأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً، أي لهذا السبب فلا تعبدوا غير الله.


{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)}
{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ} عبد الله هنا محمد صلى الله عليه وسلم ووصفه بالعبودية اختصاصاً له وتقريباً وتشريفاً، وقال الزمخشري: أنه سماه هنا عبد الله ولم يقل الرسول أو النبي؛ لأن هذا واقع في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، لأنه مما أوحي إليه فذكر صلى الله عليه وسلم نفسه على ما يقتضيه التواضع والتذلل، وهذا الذي قاله بعيد مع أنه إنما يمكن على قراءة أنه لما قام بفتح الهمزة فيكون عطفاً على أوحي إلي أنه استمع، وأما على القراءة بالكسر على الاستئناف فيكون إخباراً من الله، أو من جملة كلام الجن فيبطل ما قاله {كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} اللبد الجماعات واحدها لبدة، والضمير في كادوا يحتمل أن يكون للكفار من الناس، أي كادوا يجتمعون على الردّ عليه وإبطال أمره، أو يكون للجن الذين استمعوا، أي كادوا يجتمعون عليه لاستماع القرآن، والبركة به.


{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)}
{مُلْتَحَداً} أي ملجأ {إِلاَّ بَلاَغاً} بدل من ملتحداً أي لا أحد ملجأ إلا بلاغ الرسالة، ويحتمل أن يكون استثناء منقطعاً {مِّنَ الله} قال الزمخشري: هذا الجار والمجرور ليس بصلة البلاغ إنما هو بمعنى بلاغاً كائناً من الله، ويحتمل عندي أن يكون متعلقاً ببلاغاً والمعنى بلاغ من الله {وَرِسَالاَتِهِ} قال الزمخشري: إنه معطوف على بلاغاً كأنه قال: إلا التبليغ والرسالة، ويحتمل أن يكون ورسالاته معطوفاً على اسم الله.
{وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً} جمع خالدين على معنى من يعص لأنه في معنى الجمع، والآية في الكفار، وحملها المعتزلة على عصاة المؤمنين لأن مذهبهم خلودهم في النار. والدليل على أنها في الكفار وجهان: أحدهما أنها مكية والسورة المكية إنما الكلام فيها مع الكفار. والآخر دلالة ما قبلها وما بعدها على أن المراد بها الكفار {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ} تعلقت حتى بقوله يكونون عليه لبدا وجعلت غاية لذلك. والمعنى: أنهم يكفرون ويتظاهرون عليه حتى إذا رأوا ما يوعدون، قال ذلك الزمخشري، وقال أيضاً: يجوز أن يتعلق بمحذوف يدل على المعنى، كأنه قيل: لا يزالون على ما هم عليه من الكفر حتى إذا رأوا ما يوعدون، وهذا أظهر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5